أختارت الوشاح القطنى الازرق التى ترتديه عادة كباندانا
وبالاتفاق مع شقيقتها أحكمت وثاق معصميها
تأكدت أختها جيدا من تقييد معصمها وخرجت من الحجرة بعد أن أظلمتها جيدا
وخلعت المنظار الشمسى عنها
أسلمت عينيها وعقلها لخدر لذيذ بدأ يدب فى أوصالها
أسلمت نفسها لأفكار تزاحمت فى رأسها مع الألم الشديد الموجود بها
أفكار هى خليط من فرحة بتحقيق حلم انتظرته
وخوف من عدم تحقيق النتائج المرجوة
انقباض شديد عند تذكر الألم الذى مرت به فى حجرة العمليات
ورعشة عند تذكر الأدوات التى كان يستخدمها الطبيب بعد أن استخدم البنج الموضعى فقط لتخديرها
غفت للحظات قبل تصحو قلقة عن اكتشاف معصميها المقيدين
ثم تذكرت ما مر خلال اليوم وما مر بحجرة العمليات
ثم تحذير الطبيب من استخدام يديها
ولانها اعتادت على فعل ذلك دون ارادة
فاتفقت واختها على ان هذا هو الحل الوحيد لتذكيرها خلال يومها
ورغم شعورها بالاجهاد كان نومها قلقا جدا شديد التقطع
راودتها خلاله أحلام سخيفة عن ما مرت به فى حجرة العمليات
تعجبت فى قلقها ليلا من كيفية رؤيتها للاشياء مع وجود بعض الزغللة فمنذ 24 عاما وهى تستيقظ دون أن ترى جيدا
إلى ان تتناول منظارها الطبى أو أن ترتدى عدساتها اللاصقة
استيقظت فى الصباح بقلب متسارع الدقات
ويدين موثوقتين
حلت وثاق معصميها
وخرجت للمرآة
نظرت جيدا لعينيها
تذكرت منظارها الطبى السخيف واختلاف عينيها عن عيني اقرانها
تذكرت كم مرة طلبت منها احدى قريناتها تجربة المنظار الطبى
وكم شعرت أنها مختلفة عندما كن يتعجبن من مقياسه
ثم تذكرت الخطوط الحمراء التى كانت تراها دائما بسبب تحسس عينيها للعدسات اللاصقة التى ارتدتها لــ12 عام متوالية ولون عينيها الذى تنوع بين الزيتونى والرمادى والهازيولنت
الصباحات المرعبة التى كان ترفض العدسات فيها البقاء على مقلتيها
وفزعها من فكرة خروجها بالمنظار الطبى
ابتسمت عندما تذكرت اليوم الذى أختطفت قطتها العدسة اليمنى من يدها لتلعب بها
فايقظت جميع من بالدار للبحث عن العدسة المفقودة
وكم لم يمنعها كل هذا من مزاولة ما تحبه من اهتمامات مجهدة للعينين
ضوء عينيها الذى كان يخفت على مر السنون
وشعورها أنها تحمل ( لمبة جاز ) من القرن الـ18 يجب الحفاظ على وقودها كى لا ينفذ
كان شعورها لحظات العملية أقسى ما يمكن
فهى والتى تشعر دائما ان حاسة الابصار اهم الحواس
هى دائمة الخوف على عينيها من اى ألم أو اى لمسة
اليوم ترى فوقها مقص وآداه ذات سن مدبب
بعد أن اقنعوها انها فى منتهى البساطة
لتراها تشبه الجراحة الى حد كبير
كل الاشياء التى دخلت عينيها
وشعورها بعينيها وقد انتهت
آلام رهيبة وخوف قاتل
لحظات مرت كدهر طويل بعد دخول هذا الشىء فى عينيها واقتناعها بان كل حاجة راحت
وبين استكمال الطبيب لعمله
لتكتشف ان كل ده عادى
ومضات الليزك ورائحة احتراق اسلاك معدنية
رعب اعتصر قلبها من فقدان اغلى ما لديها
الذهاب للعين الاخرى والمرور بنفس الخطوات مع ألم أقسى
بعد كل هذا ....... ها هى ذى عينيها التى اخبروها دائما انها جميلة
ها هى عينيها عاد ما توقعته مستحيل فى طفولتها
ما سيجعلها تغوص بوجهها فى الأمواج دون خوف
وترى فى منتصف الليل دون ان تمتد يدها للبحث عن منظارها طبى
ها هى عادت كمن ولدت بنظر سليم
ترى المعجزة
وتشعر رحمة الله عز وجل الاكبر من اى تقدير
وتذكر أيدى الطبيب الماهر
الذى فى لحظة جعلها تشعر بنهاية كل شىء
ثم ولادة أكثر شىء حلمت به
:)
Comments